السؤال : هل التسليم بالحتميات ينفي بالضرورة الحرية ؟؟؟
المقدمة :
تعد الحرية من أكبر القضايا الإنسانية عبر التاريخ , والتي دار حولها الجدل
بين الفلاسفة ’و تعني قدرة الإنسان على الفعل أو تركه ,والإشكال المطروح
هنا : هل يمكن الحديث عن الحرية في ظل التسليم بوجود حتميات ؟؟
محاولة حل المشكل :
عرض موقف دعاة نفي الحرية باسم الحرية : الإنسان مقيد
الدليل : إرادة الإنسان مسجونة في
غرفة تتكون من أربعة جدران وسقفها الحتمية البيولوجية ,النفسية ,الفيزيائية
,الإجتماعية ,الدينية (الميتافيزيقية) .....
أي أن الإنسان تحت إرادة خالقه -فالله تكلم مرة واحدة وقال كل شيئ (وما تشائون إلا أن يشاء الله رب العالمين )
وقال أيضا (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا )
إذن الحرية وهم ولم يستطع الإنسان ممارستها في الواقع المعيش
مناقشة :
فالإنسان ليس جمادا ولا حيوانا بل هو كائن يملك الإرادة والذكاء والشعور
يستطيع أن يغير بهما سلوكه في الإتجاه المرغوب فيه لأن له حرية و بإمكانه
أن يتجاوز تلك الحتميات
عرض موقف دعاة وجود الحرية :
كل ما يصدر عنا نابع من إرادتنا ومؤكد لحريتنا
الدليل :
*الحجة النفسية : ترى المعتزلة أن الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل
فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن , ويقول ديكارت : نتعرف على
حريتنا من خلال خبرتنا الذاتية ويقول هنري برغسون : الفعل الحر يبدأ بضرب
من العزم ثم ينمو و يتضح مع النفس كلها إلى أن يصدر عنها كم تسقط الثمرة
الناضجة من الشجرة
إذن فشعور الإنسان بالحرية يدل على انه مصدر لها
*الحجة الإجتماعية : (شهادة الشعور الجمعي ) فسن القوانين والتشريعات وإبرام الإتفاقيات تؤكد وجود الحرية الإجتماعية ولكن مع الإلتزام بذلك
*الحجة الأخلاقية : يقول كانط (الحرية شرط لأداء الواجب
*الحجة الدينية : الحرية جزء من قانون التكريم الرباني
للإنسان فالأنسان له عقل يميز به بين مختلف الأشياء بما فيها العقيدة .قال
تعالى (ألم نجعل له عينين ولسان وشفتين وهديناه النجدين ...)
المركب (التجاوز ):
إذا كانت الحتميات هي ظل مرافق لكل سلوك فهل تبقى مشكلة الحرية محصورة بين الإثبات المطلق فقط ؟؟؟ ألا يوجد موقف تجلوزي يمكن الإعتماد عليه وأكثر واقعية مما سبق ؟؟؟؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة نجدها في طرح فيلسوف قرطبة إبن رشد حيث يقر
بوجود عوامل داخلية (قدرة نفسية يصدر عنها العقل ) وقوانين (عوامل) خارجية
ثابتة (القضاء والقدر ) المسطرة مبرمجة لتكون متلائمة مع تلك الطلبات
الإنسانية
حل المشكل :
الحرية بالنسبة للإنسان لباس مقدس وشيئ لا يمكن العيش بدونه . فالحرية لا
توهب بل ينجزها الإنسان بكفاحه وزيادة عمله وتطور علمه ومستوى إدراكه .