الحمد لله رب العالمين
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها وعلى آله وصحبه 0
( وفى أنفسكم أفلا تبصرون ) الآية 21 من سورة الذاريات
هذه الآية يمر عليها كثير من الناس دون أن يتنبهوا إلى الفيوضات والمعاني التى تحتويها 00
بل إنك إذا سألت إنسانا غير مؤمن ماذا يعرف عن هذه الآية الكريمة 00
يقول لك لا شىء فى نفسى 00
فأنا أولد وأكبر وأتزوج وأعمل وتنتهى حياتى وأموت 00 فماذا فى نفسى ؟ 00
نقول له لو أنك تدبرت لعلمت أن فى نفسك آيات وآيات 00
ونحن سنذكر أول شىء هو قول الحق سبحانه وتعالى :
( وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم , وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم , قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) 0 الآية 172 من سورة الأعراف
إذا قرأت هذه الآية يقول غير المؤمن لم نشهد شيئا ولم نر شيئا ولم نحس شيئا 00 نقول بل شهدت 00 وأنت شهيد على نفسك في ذلك 00 كيف ؟ 00
الله سبحانه وتعالى عرفنا أنه موجود 00 وعرفنا بشهادة ربوبية وليس بشهادة ألوهية 00
ومعنى ذلك أن المؤمن والكافر يعلم فى نفسه وجود الله 00 ولكن الكافر يحاول أن يستر هذا الوجود ليحقق شهواته وما يريد ولو على حساب حقوق الآخرين 00
ولننظر إلى ما أحل الله وما حرم الله 00 ثم لننظر إلى النفس البشرية على عمومها لنرى ماذا تفعل 00
ولنعرف يقينا أن هذه النفس تعرف ما أحل الله وتستريح له وتنسجم معه 00 وتعرف ما حرم الله فيصيبها انزعاج واضطراب وذعر وهى ترتكبه 00 وأول الأشياء هو العلاقة بين الرجل والمرأة 0
إذا جاءك رجل وقال أريد أن أختلى فى حجرة مع إبنتك 00 ماذا تفعل به ؟ 00 قد تقتله 00 وإن لم تقتله فقد تضربه 00 ويعينك على ذلك كل الناس 00 استنكار عام من المؤمن وغير المؤمن 0
فإذا جاءك هذا الرجل وقال أريد أن أتزوج ابنتك 00 تستقبله بالترحاب وتدعو الناس للترحيب به 00 وتعلن النبأ على الجميع 00 وتعقد القران , وبعد عقد القران تتركه هو وابنتك فى الحجرة 00 وتوافق على الخلوة بينهما 0
ما الفرق بين الحالتين ؟
بعض الناس يقول إنها وثيقة الزواج التى تحرر 00
فهل الفرق هو الورقة فعلا ؟
لا 00 الفرق هو الحلال والحرام 00 ما أحله الله وما حرمه الله 00
فالذى أحله الله ينسجم مع النفس البشرية ويقبله كل الناس 00
وما حرمه الله تستنكره كل نفس وتنفعل ضده 0
كيف يحدث هذا ؟
لأنك عرفت يقينا منهج الحق والباطل 00
وممن عرفته ؟
من الذى وضعه 00 وليس هذا فقط 00 بل انظر إلى إنسان فى شقة مع زوجته 00
مطمئن تماما يدخل أمام الناس إلى بيته 00 وإذا طرق الباب قام وفتح للطارق 00
وإذا جاء صديق استقبله باطمئنان 00 وإذا خرج إلى الشارع أخذ زوجته معه أمام الناس جميعا 00
انظر مع نفس الشخص مع زوجة غيره 00 يغلق الأبواب والنوافذ حتى لا يراه أحد 00
وإذا طرق الباب انزعج ولا يفتح 00 وإذا جاءه صديق أصيب بالذعر 00 وإذا خرج إلى الشارع مشى بعيدا عنها 00
ما الفارق بين الحالتين ؟
الفارق هو الحلال والحرام اللذان تعرفهما كل نفس , حتى تلك التى لم تقرأ شيئا عن الدين 00
لأن الله سبحانه قال :
( 00000 وأشهدهم على أنفسهم 0 ألست بربكم قالوا بلى ) 0
فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى أوجه الحياة 00 لص يريد أن يسرق 00 يتأكد أولاً من أن الطريق خال 00 ولا يجرؤ أن يفعل ذلك إلا فى الظلام أو بعيدا عن الناس 00 وبمجرد أن يأخذ ما يريد أن يسرقه ينطلق بسرعة وهو يتلفت يمينا ويسارا خوفا من أن يراه أحد 00 ثم يبحث عن مكان يخفى فيه المسروقات 00 انغعالات رهيبة فى داخله تؤكد أنه يعرف أن ما يفعله إثم وخطيئه 00
فإذا كان الإنسان يريد أن يدخل بيته ليأخذ شيئا دخل أمام الناس جميعا ومشى باطمئنان 00 وحمل الشىء الذى يريده وهو لا يخشى أن يراه أحد 00 ذلك أنه يحس فى داخله بأنه يفعل شيئا لا يحرمه الله 00
الذى يأخذ رشوة مثلا 00 يتلفت حوله يمينا ويسارا ويسارع بإخفائها 00 والذى يقبض مرتبه يفعل ذلك أمام الدنيا كلها 0
نستخلص من هذا00 ( مقاييس الخير والشر 00 وأيضا الإيمان بالغيب) 00
ونرجع لقول الحق سبحانه وتعالى :
(( وفى أنفسكم أفلا تبصرون ))
نجد أنه يوجد الروح !!!
إذا فى الجسد الروح وهى التى تهب الحياة والحركة 00 فإذا خرجت الروح من الجسد سكنت الحركة وانتهت الحياة 0
إذن كل منا يعرف يقينا أن هناك شيئا اسمه الروح 00 إذا دخل الجسد أعطاه الحياة 00 وإذا خرج منه توقفت الحياة 00 من منا رأى الروح ؟
بل من منا يعرف أين موقعها من الجسد ؟
أهى فى القلب الذى ينبض ؟
أو فى العقل الذى يفكر ؟
أو فى القدم التى تتحرك ؟
أو فى العين التى ترى ؟
أو فى الأذن التى تسمع ؟
أين مكانها بالضبط ؟
وما هى الروح ؟
أكبر علماء الدنيا لا يعرف عنها شيئا 00
إذن الروح 00 وهى موجودة فى جسدك 00 غيب عنك 00 فأنت لا تعرف ما هى ؟ 00 ولا أين هى ؟
00 وأنت لا تعرف كيفية سريانها فى الجسم 00 وإلا قل لنا إذا أصيب إنسان فى حادث وبترت ساقاه 00 أين ذهبت الروح التى كانت فى الساقين تعطيهما الحياة والحركة 00
ولكنك تستدل على وجود الروح مع أنها غيب عنك باثارها فى أنها تعطى الحياة والحركة لجسدك 00
ولكن هل وجود الروح فى المخلوق الحى وجود يقينى 00؟
نعم ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الجسد الحى فيه الروح , وأن الجسد الميت قد خرجت منه الروح 0
إذن فوجود الروح علم يقين مستدل عليه بآثارها 00 فهل إذا كان وجود الروح فى جسدك يؤكد لك يقينا أنها موجودة مستدلا على ذلك بالحركة والحياة التى تعطيها فى الجسد 00
(( ألا يدل هذا الكون كله بما فيه من إعجاز الخلق على وجود الله يقينا ))
ألا تنظر إلى جسدك والروح فيه ثم تنظر إلى الكون بعظمته تجادل ؟!00
أليس هذا كذبا على النفس واحتقارا لمهمة العقل 00 ألا نتدبر فى معنى الآية الكريمة :
((( وفى أنفسكم أفلا تبصرون )))
اللهم إنى ظلمت نفسى ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفرلى مغفرة من عندك وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم 0
اعجبني واحببت ان تشاركوني قراءته