لحظة ليست كباقي اللحظات ,,
أبحرت في سفينة أفكاري ما بين أمواج دفاتري وأسطرها المتلاطمة ,
أدرت دفة إبحاري إلى حيث الدنيا بمداركها ومسالكها فانتابني شعور
أضفى علي فهما لما يدور حولي ,
ربّما أجده تفسيرا لما تؤول له نفسي في كثير من الأحيان , فالصمت لغتي المفضلة وسمتي التي أتوكأ عليها في ظعني وغربتي ..
حاولت كثيرا أن أكتب في هكذا مصطلح " الصمت "
فلم أجد في قواميس أفكاري وجنبات مفرداتي كلمات تليق بهذا المصطلح الرونقي الرائع , ظننته
أدبا كالشعر والنثر فأضحى سيفه بتار أكثر منهما , قلت في نفسي علّه يكون واجبا فما وجدت
للواجب تطبيقا لدى البشر فالكل يتيه في عالم الثرثرة بعنفوان , وصلت بعد عناء وجهد طويل
لفكرة " الصمت " بدقة لأيقن حينها بأن الصمت من أحد ضروب الفن الأصيل لا يحتاج لدراسة في معهد صمتوي لعدد سنين ولا لشهادة خبرة في أحد الميادين ..
أحببت أن أعبر عن الصمت بقلمي المتواضع فعصرت أفكاري وحفزتها على الخروج باستحياء أمام إبداعاتكم .. فخرجت تتبختر في ساحات ملتقاكم الطيب لتعلن أن :
الصمت ...
كلمة براقة لا تضيء إلا لصاحبها في عالم الثرثرة المجانية ,
كلمة قيل فيها الكثير فلا مجال للمقارنة ما بين فن الصمت المتقن وثقافة عزف اللسان المستمرة ..
الصمت ...
وجهة المحنكين , وسبيل الحكماء والعاقلين , لا يتقن صنعتها إلا من أيقن بأن الكلام إذا كان من فضة فالصمت لا بد أن يكون من ذهب فقد قال فيه عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه :
" إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت ويهرب من الناس فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة ".
الصمت ...
كلمة تدق أجراس القلب حينما يتأوه ألما على فراق حبيب له _ في الله _
كان نظره الذي ينظر به وسمعه الذي يسمع به فتفاجأ هذا القلب المكلوم
بأنه افتقد هذا الشخص العزيز دونما موعد مسبق ولكن عزاءنا الوحيد
أن الصمت في هذا موقف " اضطراري " فمن ارتقى للجنان
طالبا حورها العين لا يحتاج إلا لصمت أحبته في دنيا الفناء ليلهج لسانهم بالدعاء له في علبة الأسرار القلبية ...
الصمت ...
هو عنواني يا ناس فما هو عنوانكم ؟؟!!!
لو أردت الحديث عن الصمت فلن ينضب حبر قلمي إلا حينما أتكئ على لوحة مفاتيحي معلنا تقاطع أجفاني في بحر النوم , ليس لأني أعشق الصمت ,, لكن لأن الصمت يعشقني ..
ملاحظة // الصمت في كل المواقف خطأ فادح تطبيقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " الساكت عن الحق شيطان أخرس " , لكنّ تطبيقه في مواقف العباطة والتحجر العقلي سياسة حكيمة لا يتقنها إلا العقلاء ..